روى مسلم من حديث عبد الله بن بريدة بن الحصيب الأسلمي عن أبيه قال غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع عشرة غزوة قاتل في ثمان منهن وعن زيد بن أرقم قال غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع عشرة غزوة كنت معه في سبع عشرة وأما محمد بن إسحاق فقال كانت غزواته التي خرج فيها بنفسه سبعا وكانت بعوثه وسراياه ثمانيا وثلاثين وزاد ابن هشام في البعوث على ابن اسحاق.
غزوة بدر
في رمضان من السنة الثانية للهجرة خرج المسلمون بقيادة الرسول ليعترضوا قافلة لقريش يقودها أبو سفيان فلمًّا علم بهم أبا سفيان غَيّرَ طريقه إلى الساحل وأرسل إلى أهل مكة يستنفرهم، فخرجوا لمحاربة المسلمين والتقى الجمعان في غزوة بدر في 17 رمضان سنة اثنتين للهجرة. وانتصر جيش المسلمين وقُتِل أبو جهل عمرو بن هشام المخزومي سيد قريش
غزوة أُحد
بعد هزيمة قريش في غزوة بدر سعت للانتقام بسبب قتلاها في معركة بدر فجمعت من كنانة وغيرها من القبائل فخرجوا في 3000 مقاتل في 15 شوال من سنة 3 للهجرة فبلغ خبرهم للرسول فخرج بالمسلمين إلى أُحد وفي الطريق انسحب المنافق عبد الله بن أبي بن سلول وثلاثمائة من أتباعه وعادوا إلى المدينة وتابع المسلمون سيرهم إلى أحد ونزلوا في موقع بين جبل أحد وجبل صغير ووضع الرسول الرماة على جبل عينين وأمرهم أن لا يغادروا مواقعهم حتى يأمرهم بذلك مهما كانت نتيجة المعركة، وبدأت المعركة فحاول فرسان المشركين بقيادة خالد بن الوليد اختراق صفوف المسلمين من ميسرتهم فصدهم الرماة، وقتل عشرة من حملة لواء المشركين، وسقط لواؤهم ودب الذعر في صفوفهم وبدؤوا في الهرب، وتبعهم بعض المسلمين فاضطربت صفوفهم، ورأى الرماة هرب المشركين فظنوا أن المعركة حسمت لصالح المسلمين فترك معظمهم مواقعهم، ونزلوا يتعقبون المشركين ويجمعون الغنائم ولم يلتفتوا لتحذيرات قائدهم، واستغل خالد بن الوليد هذه الحال، فالتف على الجيش وتغيرت موازين المعركة، وأثناء ذلك، أشيع أن الرسول قتل، وانسحب الرسول بمجموعة من الصحابة الذين التفوا حوله إلى قسم من جبل أحد وحاول المشركون الوصول إليه ففشلوا ويئسوا من تحقيق نتيجة أفضل فأوقفوا القتال مكتفين بانتصارهم هذا.
غزوة بني قينقاع
روي ابن هشام عن أبي عون: أن امرأة من العرب قدمت بجَلَبٍ لها، فباعته في سوق بني قينقاع، وجلست إلى صائغ، فجعلوا يريدونها على كشف وجهها، فأبت، فَعَمَد الصائغ إلى طرف ثوبها فعقده إلى ظهرها ـ وهي غافلة ـ فلما قامت انكشفت سوأتها فضحكوا بها فصاحت، فوثب رجل من المسلمين على الصائغ فقتله ـ وكان يهودياً ـ فشدت اليهود على المسلم فقتلوه، فاستصرخ أهل المسلم المسلمين على اليهود، فوقع الشر بينهم وبين بني قينقاع.
حينئذ سار الرسول بالمسلمين إلى بني قينقاع في 2هـ، ولما رأوه تحصنوا في حصونهم، فحاصرهم ودام الحصار خمس عشرة ليلة فنزلوا على حكم الرسول في رقابهم وأموالهم ونسائهم وذريتهم، فأمر بهم فكتفوا وأمرهم أن يخرجوا من المدينة ولا يجاوروه بها، فخرجوا إلى أذْرُعَات الشام، فقل أن لبثوا فيها حتى هلك أكثرهم، وذهب ساداتهم إلى خيبر حيث كان أهلها يهود فسودوهم عليهم.
غزوة خيبر
لما نقض يهود خيبر عهدهم مع الرسول وسعوا لتوحيد قبائل العرب على قتال المسلمين في غزوة الأحزاب وبلغ ذروة أذاهم للرسول عندما دسوا له السم في طعامه. توّجه محمد إلى خيبر ومعه ألف وست مئة مقاتل من المسلمين في مطلع ربيع الأول من العام السابع الهجري، وأحاط الرسول تحركه بسرية كاملة لمفاجئة اليهود.
فوصل منطقة تدعى رجيع تفصل بين خيبر وغطفان وفي الظلام حاصر المسلمون حصون خيبر واتخذوا مواقعهم بين أشجار النخيل. وفي الصباح بدأت المعارك، وكانت الحصون تسقط؛ الواحد تلو الآخر. حتى سقطت آخر حصونهم على يد سرية بقيادة علي ابن أبي طالب. وعندها طلب اليهود من الرسول الصلح والبقاء في ديارهم، شرط أن يقدموا نصف محصولهم من كل عام إلى المسلمين، فوافق الرسول على ذلك وصفح عنهم.
فتح مكة
عقد محمد صلح الحديبية مع قريش في 628م لمدة 10 سنوات وبعد سنتين من عقد الصلح حدث قتال بين خزاعة وبني بكر وأعانت قريش بني بكر بالسلاح وقاتل معهم جماعة فذهب عمرو بن سالم الخزاعي للاستنصار بمحمد فخرجوا يردون قريش فلما كان ذلك ذهب أبو سفيان ممثلاً عنهم ليقوم بتجديد الصلح وخرج أبو سفيان حتى أتي رسول الإسلام فكلمه، فلم يرد عليه شيئاً، وأمر بتجهيز الجيش والتحرك نحو مكة ولعشر خلون من شهر رمضان 8 هـ سنة 630م، غادر الرسول المدينة متجهاً إلى مكة، في عشرة آلاف من الصحابة ونودي بمكة من دخل منزله فهو آمن ومن دخل الحرم فهو آمن ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن، وبعد أن دخل المسلمون المدينة جمع الرسول قريش وقال لهم: ماذا تظنون أني فاعل بكم؟ قالوا: خيرا، أخ كريم وابن أخ كريم. قال: اذهبوا، فانتم الطلقاء.
غزوة حنين
لما فتح المسلمون مكة، اجتمعت قبائل هوازن وثقيف وبني هلال، وقررت محاربة المسلمين. قرر القائد جيشي هوازن وثقيف مالك بن عوف أن يسوق مع الجيش الأموال والعيال والنساء ليزيد ذلك من حماس المشركين في القتال ويجعلهم يقاتلون حتى الموت، إن لم يكن للنصر فللدفاع عن الحرمات. وكان جيش المسلمين كبيراً بشكل أدخل الغرور في قلوب بعض المسلمين، حتى كان بعضهم يقول لن نهزم اليوم من قلة، ولكن في طريقهم إلى جيش هوازن وثقيف كان مالك قد نصب لهم كمين في وادي حنين أصاب المسلمين بالصدمة والارتباك، وأشيع أن محمد قتل، فبدأ المسلمون في الفرار والتراجع، لكن محمدا استطاع أن يعيد الثقة لجنوده وحول الهزيمة إلى نصر، وسرعان ما فر المتبقي من جيشي هوازن وثقيف في أماكن مختلفة.
غزوة تبوك
وقعت غزوة تبوك في رجب سنة 9 هـ في أعقاب فتح مكة وانتصار المسلمين في الطائف، فوصلت محمدا أخبار من بلاد الروم تفيد أنَّ ملك الروم وحلفاءه من العرب من لخم وجذام وغسان وعاملة قد هيأ جيشاً لمهاجمة الدولة الإسلامية قبل أن تصبح خطراً على دولته، فما كان من محمد أن أرسل إلى القبائل العربية في مختلف المناطق يستنفرهم على قتال الروم، فاجتمع له حوالي ثلاثين ألف مقاتل تصحبهم عشرة آلاف فرس. وبعد أن استخلف محمدٌ سباع بن عرفطة على المدينة، وعلي بن أبي طالب على أهله، بدأ المسلمون سيرهم، وقطعوا آلاف الأميال عانوا خلالها العطش والجوع والحر ومن قلّة وسائل الركوب، وقد سميت الغزوة "غزوة العسرة"، وقالوا إنَّها جاءت عسرة من الماء وعسرة من الظهر، وعسرة من النفقة. وأما الروم وحلفاؤهم فلما سمعوا بزحف جيش المسلمين أخذهم الرعب فلم يجترئوا على التقدم واللقاء، بل تفرقوا في البلاد في داخل حدودهم، فتم النصر للمسلمين دون قتال.